الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***
قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} وكَانَ هَذَا من المتشابه المختلف فِي المراد به، وفِي ثبوت حكمه وفِي نسخه فقَالَ بعضهم: هِيَ منسوخة بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ورووا ذَلِكَ عَنْ أَبِي سلمة بن الأكوع صاحب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما: 903- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ سَلَمَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ فَعَلَ حَتَّى نَزَلَتِ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا وقَدْ روي هَذَا القول، عَنْ عامر الشعبي. 904- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ شِبْرِمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فَكَانَ الأَغْنِيَاءُ يُفْطِرُونَ وَيَفْتَدُونَ وَلا يَصُومُونَ، وَصَارَ الصَّوْمُ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الآيَةُ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، فَوَجَبَ عَلَى الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَنَسَخَتْ هَذِهِ تِلْكَ وقَالَ بعضهم: لم يرد بهذه الآية إلا الشيخ الكبير. 906- والعجوز الكبير المطيقان للصوم، فرخص لهمَا فِي الإفطار تخفِيفا عنهمَا، وجعل عَلَيْهِمَا أن يطعمَا مكَانَ ذَلِكَ الصوم، الَّذِي يفطرانه، وأن يُجْعلا فِي ذَلِكَ كمن سواهمَا من الشباب والأصحاء، ورووا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عباس: 905- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرِ فِي ذَلِكَ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، أَنْ يُفْطِرَا إِنْ شَاءَا، وَأَنْ يُطْعِمَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الآيَةِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} " فَثَبَتَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ وَالْمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا، وَأَطْعَمَتَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. 906- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ، وَزَادَ: " وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا وَكَانَ بعضهم يقرؤها: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ عَلَى مَعْنَى: يُطَوَّقُونَهُ وَلا يُطِيقُونَهُ. 907- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى عَائِشَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، كَانَتْ تَقْرَأُ: يُطَوَّقُونَهُ. 908- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ". 909- حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ، قَالَ: " هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ يُطْعِمُ عِنْهُ نِصْفَ صَاعٍ لِكُلِّ يَوْمٍ " فكَانَ معنى يُطَوَّقُونَهُ عِنْدَ هؤلاء الذين قرأوا هَذِهِ الآية كَذَلِكَ يؤخذون به، كما: 910- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بن حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ الَّذِينَ يُؤْخَذُونَ بِهِ، وَالَّذِينَ يُطِيقُونَهُ يَصُومُونَهُ " وقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ القراءة عَنِ ابْنِ عباس كمَا ذكرنا، وروي عنه فِي المراد بِهَا مَا وصفنا، وقَدْ روي عنه أيضا خلاف هَذِهِ القراءة. 911- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِحْوَلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} قَالَ: " الَّذِينَ يُجَشَّمُونَهُ وَلا يُطِيقُونَهُ لِلْحُبْلَى وَالْمَرِيضِ وَالْكَبِيرِ وَصَاحِبِ الْعُطَاسِ " وكَانَ المراد بالطاقة فِي هَذَا عند ابن عباس هُوَ الطاقة التي معها المشقة عَلَى مَا فِي حديث عزرة، عَنْ سعيد، عَنِ ابْنِ عباس، الَّذِي رويناه، ولَيْسَ عَلَى الطاقة الَّتِي لا مشقة لها. 912- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُرْضِعُ فَجَهِدَتْ، فَقَالَ لَهَا: " أَفْطِرِي، فَإِنَّكِ بِمَنْزِلَةِ {الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} " ففِي هَذَا الحديث مَا يدل عَلَى أنها قَدْ كَانَت تطيق الصوم بمشقة عَلَيْهَا وجهد لها، فدل ذَلِكَ من قراءة ابن عباس عَلَى أنها عَلَى إثبات الطاقة، لا عَلَى نفِيها، وعَلَى أن الطاقة المرادة فِي ذَلِكَ هِيَ الطاقة الَّتِي معها المشقة والجهد، لا مَا سواها من الطاقات اللاتي لا جهد معها ولا مشقة وقَدْ ثبت بهذه التأويلات اللاتي ذكرنا إيجاب صوم شهر رمضان فِي عين الشهر عَلَى الحاضرين، البالغين، المكلفِين، المطيقين لصومه، وانتفى أن يكون لهم الرخصة فِي ترك صومه لفدية يفتدونها منه، لأن الذين ذهبوا إِلَى أن الآية الَّتِي تلونا منسوخة كمَا قَالَ سلمة بن الأكوع فِيمَا روينا عنه من ذَلِكَ فِي هَذَا الكتاب، ذهبوا إِلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ للناس جميعا الفدية من الصوم بالإطعام، حَتَّى نسخ الله عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بمَا نسخه به مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الباب، ولأن الذين ذهبوا إِلَى أن الآية غير منسوخة قرأوها عَلَى التطويق، لا عَلَى الطاقة جعلوا الطعام المذكور فِيهَا عَلَى المطوقين غير المطيقين كمَا روينا عَنْ عائشة فِي هَذِهِ القراءة عَنِ ابْنِ عباس فِي الموافقة لها عَلَى ذَلِكَ، وفِي تأويله ذَلِكَ عَلَى مَا تأوله عَلَيْهِ، ولأن الذين ذهبوا إِلَى الرواية الأخرى التي رويناها، عَنِ ابْنِ عباس، وقرأوها عَلَى إثبات الطاقة، جعلوا الطعام المذكور فِيهَا بدلا من الصيام عَلَى المطيقين لَهُ بالمشقة والجهد، لا بمَا سواهمَا، وجعلوا من لا مشقة عَلَيْهِ فِي الصوم، ولا جهد عَلَيْهِ فِيه من الداخلين فِي قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فقَدْ عاد صوم شهر رمضان فِي عين الشهر فرضا عَلَى المطيقين للصوم بلا مشقة، ولا اجتهاد من الحاضرين المطيقين وفِي الآية مَا دل عَلَى أنها لست بمنسوخة، وَهُوَ قوله عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، فأخبر عز وجل أن الصيام مكتوب علينا كمَا كَانَ مكتوبا عَلَى من كَانَ قبلنا مِمَّنْ كَانَ يُكْتَبُ عَلَيْهِ الإطعام عَنِ الصيام، وَهُوَ يَقْدِر عَلَى الصيام وقَدْ روي فِي ذَلِكَ ما: 913- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَن، عَنْ دَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ، أَنَّ النَّصَارَى فُرِضَ عَلَيْهِمْ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي الإِنْجِيلِ، فَكَانُوا يَصُومُونَ شَهْرًا، ثُمَّ مَرِضَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ، إِنْ هُوَ بَرَأَ، أَنْ يَزِيدَ فِيهِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَبَرَأَ، فَزَادَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَكَانُوا يَصُومُونَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَهَلَكَ ذَلِكَ الْمَلِكُ وَجَاءَ مَلِكٌ آخَرُ، فَاشْتَكَى فَاهُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ، إِنْ هُوَ بَرَأَ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَبَرَأَ فَزَادَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْمَلِكَ هَلَكَ وَجَاءَ مَلِكٌ آخَرُ، فَقَالَ: مَا يُنْصِفُونَ هَذِهِ الأَيَّامَ، كَمِّلُوهَا خَمْسِينَ، وَاجْعَلُوهَا فِي حِينٍ لا حَرٍّ وَلا قُرٍّ قَالَ أحمد: أفلا ترون أن الصوم الَّذِي كَانَ كتب عَلَيْهِم لم يكن لهم أن يبدلوه بطعام، ولا بمَا سواه، فدل ذَلِكَ عَلَى أن الَّذِي كتب علينا من ذَلِكَ عَلَى مثل الَّذِي كَانَ كتب عَلَيْهِم منه فإن أفطرت حبلى، أو مرضع فِي موضع الرخصة لهمَا فِي الإفطار، ثُمَّ أطاقتا الصوم بعد ذَلِكَ، فإن أهل العلم اختلفوا فِي ذَلِكَ، فقَالَت طائفة مِنْهُمْ: عَلَيْهِمَا الإطعام المذكور فِي الآية ولا قضاء عَلَيْهِمَا فِيمَا أفطرتاه، وقَدْ روي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عباس، وابن عمر. 914- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حَامِلٍ أَوْ مُرْضِعٍ: " أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِينَ لا يُطِيقُونَهُ، عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِي مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلا قَضَاءَ عَلَيْكِ ". 915- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فهكذا هذان الحديثان من حديث ابن أَبِي عروبة فِيمَا تقَدم من هَذَا الباب حديث يزيد بن سنان، عَنْ معاذ بن هشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قتادة، عَنْ عزرة، عَنْ سعيد، عَنِ ابْنِ عباس، أَنَّهُ كَانَ لَهُ جارية ترضع فجهدت، فقَالَ لَهَا: " أفطري، فإنك بمنزلة {الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} عَلَى إثبات الطاقة فهذا خلاف مَا روى سعيد، عَنْ قتادة، عَنْ عزرة، لأن سعيدا رواه عَلَى نفِي الطاقة ورواه هشام عَلَى إثباتها، وكلاهمَا فجائز فِي المعنى، فأمَّا من رواه كمَا ذكرنا عَنْ سعيد، فعَلَى قراءة من قرأ: وعَلَى الذين يُطَوَّقُونَهُ أي: يطوقونه ولا يطيقونه، وأمَا من رواه كمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ هشام فعَلَى قراءة من قرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي: يطيقونه بمشقة وجهد والقراءتان جميعا قَدْ رويناهمَا عَنِ ابْنِ عباس، والله أعلم بالصحيح فِيمَا اختلف فِيه سعيد، وهشام مِمَّا رويناه عنهمَا، والأشبه بمذهب ابن عباس فِي هَذَا هُوَ مَا رواه سعيد، لأن. 916- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} وَاحِدٍ، {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} فَزَادَ مِسْكِينًا آخَرَ {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، لا يُرَخِّصُ إِلا لِلْكَبِيرِ الَّذِي لا يُطِيقُ الصَّوْمَ، أَوْ لِلْمَرِيضِ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يُشْفَى " أفلا ترى أن ابن عباس قَدْ أخبر فِي هَذَا الحديث أن المرخص لَهُ فِي الإطعام، وترك الصيام هُوَ الَّذِي لا ترجى لَهُ القوة عَلَى الصيام فِي المستأنف فأمَّا من كَانَ ترجى لَهُ القوة عَلَى الصيام فِي المستأنف، فإنه لم يكن عنده كَذَلِكَ، والمرأة الحامل أو المرضع، إِذَا أفطرت فَهِيَ مِمَّنْ لم تؤنس لها من القُدرة عَلَى القضاء فِي المستأنف، فَهِيَ مِمَّنْ لا تؤمر بالإطعام الذين يكون بدلا من الصيام حَتَّى يسقط عَنْهَا فرض الصيام وممَّا يدل عَلَى صحته مِمَّا ذكرنا، عَنْ سعيد مِمَّا خالفه فِيه هشام أن أحمد بن الحسن. 917- قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الهرسي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، قَالَ: " هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ لا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ، يَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مِسْكِينٍ " فهذا سعيد إنمَّا قصد بالطاقة فِي ذَلِكَ الطاقة الَّتِي معها المشقة والجهد، اللذان يجب لمن به، لأنه حكم العجز، وذكر ذَلِكَ فِي الشيخ الكبير الَّذِي لا ترجى لَهُ طاقة فِي المستأنف عَلَى الصيام، فدل ذَلِكَ أن مَا رواه، عَنِ ابْنِ عباس كذلك أيضا وقَدْ روي، عَنِ ابْنِ عباس من طريق ابن جبير مَا يدل عَلَى مَا رواه سعيد بن أَبِي عروبة. 918- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ بَكْرِ بْنِ رَمَضَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، أَنَّ كُرَيْبًا حَدَّثَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: " يَفْتَدِي الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ يُطِيقُ الصِّيَامَ بِذَلِكَ " كَذَلِكَ أن الكبير الَّذِي لا يطيق الصيام قَدْ دخل عند ابن عباس فِي المَأمورين بالإطعام فِي هَذِهِ الآية مَا يثبته المقتدين لمذهب ابن عباس فِيمَا اختلف فِيه سعيد، وهشام، عَنْ قتادة مَا رواه سعيد عنه، لا مَا رواه هشام، وقَدْ روي عَنْ أنس، وقيس بن السائب صاحبي رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهمَا افتديا بالإطعام من الصوم لمَّا ضعفا عنه كما: 919- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّهُ ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ سَنَةً قَبْلَ مَوْتِهِ فَأَفْطَرَ وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ". 920- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ السَّبِيعِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّ أَنَسًا كَانَ يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا حِينَ ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ ". 921- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِي شَرِيكًا، فَخَيْرُ شَرِيكٍ لا يُمَارِي يَنْظُرُ وَلا يُدَارِي، وَكَانَ قَيْسٌ قَدْ كَبِرَ، فَكَانَ يُطْعِمُ عَنْ نَفْسِهِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مُدَّيْنِ، فَأَطْعِمُوا عَنِّي صَاعًا " قَالَ أَبُو جعفر رحمه الله: يداري يعني الكلام المذموم، يُقَالُ: أيُدَاري عَلَيَّ إِذَا أغلظ لَهُ، وقيس مولى مجاهد فدل مَا ذكرنا فِيمَا تقَدم أن الإطعام المذكور فِي الآية الَّتِي تلونا ثابت حكمه غير منسوخ، وأنه أريد به العاجزون عَنِ الصوم الذين لا يرجى لهم عَلَيْهِ طاقة فِي المستأنف كمَا ذكرنا فإن قَالَ قائل: وكيف يجوز أن يجعل تأويل هَذِهِ الآية عَلَى مَا ذكرتم، ويجعل فرض الصيام قَدْ لحق من لا يطيق الصيام، وقَدْ روينا فِيمن عجز عَنِ الصلاة، ولم يطقها عَلَى حال، حَتَّى مَات أَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ زال فرضها عنه؟ قيل لَهُ: الصلاة فِي هَذَا لا تشبه الصيام، لأن الصلاة لم يجعل لها بدل سواها فيرجع من عجز عَنْهَا إِلَى ذَلِكَ البدل عَنْهَا، والصوم فقَدْ جعل لَهُ بدل وَهُوَ الإطعام، فكَانَ من عجز عن الصوم، فلم يقدر عَلَيْهِ رجع إِلَى بدله الَّذِي يقدر عَلَيْهِ وَهُوَ الإطعام، وهكذا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد رحمهم الله يَقُولُونَ فِي الشيخ الكبير العاجز عَنِ الصوم، لا يرجى لَهُ عَلَيْهِ قوة فِي المستأنف: أَنَّهُ يطعم عَنْ كل يوم مسكينا نصف صاع من بر أو سويق، أو دقيق، أو صاعا من تمر، أو شعير فِيمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ، وعن محمد من رأيه مِمَّا ذكرنا عنهم، وقَدْ خالفهم فِي ذَلِكَ مخالفون، مِنْهُمْ مَالك رحمه الله كما: 922- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَنَسًا كَبِرَ حَتَّى كَانَ لا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ، وَكَانَ يَفْتَدِي قَالَ مَالِكٌ: وَلا أَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى النَّاسِ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ مَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ، فَمَنِ افْتَدَى، فَإِنَّمَا يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمَا الثوري، والشافعي، فكَانَ قولهمَا فِي ذَلِكَ كقول أَبِي حَنِيفَةَ. 923- كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنِ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ سُفْيَانُ: " الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ أَطْعَمَ عَنْ نَفْسِهِ " وكمَا حكى لنا المزني، عَنِ الشافعي فِي مختصره قوله قَالَ: والشيخ الكبير الَّذِي لا يستطيع الصوم، ويقدر عَلَى الكفارة يتصدق عَنْ كل يوم بمد من حنطة وَهُوَ القول الَّذِي حكيناه عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، والثوري، ومن ذَكَرْنَاهُ معهمَا، فأحب القولين اللذين ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا المعنى إلينا إِذَا كَانُوا جميعا قَدْ أمروا بالإطعام فِي ذَلِكَ إِمَّا إيجابا، وإمَّا استحبابا، ولم يجعلوا ذَلِكَ كالصلاة الَّتِي يلحق العجز عَنْهَا، فلم يأمروا مكَانَها ببدل سواها إيجابا، ولا استحبابا، وعاد بمَا ذكرنا حكم الصيام المعجوز عنه الَّذِي يقدر العاجز عنه إِلَى مَا يحج به غيره عنه وقَدْ سألت امرأة من خثعم رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَت: إن أَبِي شيخ كبير وقَدْ أدركت فريضة الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الحج، أفيجزئ أن أحج عنه؟ قَالَ: " حجي عَنْ أَبِيك " هكذا فِي حديث ابن الزبير، وفِي حديث علي بن أَبِي طالب، أن رجلا من خثعم سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَ: إن أَبِي أدركه الحج وَهُوَ شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل، والحج عَلَيْهِ مكتوب أفأحج عنه؟ قَالَ: " نعم، فاحجج عنه " وسنذكر ذَلِكَ بأسانيده، ومَا فِيه سوى هذين الحديثين فِي موضعه من كتاب المناسك من كتاب أحكام القرآن إن شاء الله تعالى فكَانَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خوطب بأن الحج مكتوب عَلَى عاجز يديه عنه، فلم ينكر ذَلِكَ عَلَى من خاطبه به إِذَا كَانَ من سنته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحج عَنِ العاجز، وكذَلِكَ الصيام لمَّا كَانَ من السنة الإطعام عَنِ العاجز عنه، لم يكن الفرض فِيه ساقطا عَنِ العاجز عنه إِذَا كَانَ، وإن عجز عنه، قادرا عَنِ البدل منه وَهُوَ الإطعام فأمَّا المريض الَّذِي يعجز عَنِ الصوم للمرض الَّذِي قَدْ نزل به، فيكون كَذَلِكَ حَتَّى يموت، فإن أبا حَنِيفَةَ، وأبا يوسف، ومحمدا كَانُوا يَقُولُونَ: قَدْ مَات هَذَا الرجل، ولا فرض عَلَيْهِ فِي هَذَا الصوم، وإنه لو كَانَ أوصى قبل وفاته بالإطعام عَنْ صوم، إن كَانَ لوجب عَلَيْهِ فِي حياته، لم يجب أن يطعم عنه، لأنه مَات، ولا فرض عَلَيْهِ، وقَدْ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ من قولهم سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد وقَدْ خولفوا فِي ذَلِكَ، فقيل: الصوم قَدْ كَانَ واجبا عَلَيْهِ، وكَانَ معذورا فِي تركه، وكَانَ البدل منه وَهُوَ الإطعام جاريا مكَانَه، فوجب عَلَيْهِ أن يطعمه فِي حياته، ووجب أن يطعم عنه بعد وفاته من تركته، إن كَانَ قَدْ كَانَ أوصى أن يطعم عَنْ صوم إن كَانَ واجبا عَلَيْهِ يوم يتوفى وقَدِ اختلف المتقدمون من أهل العلم فِي هَذَا، فروي عنهم فِي ذَلِكَ مَا: 924- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، أَنَّهُمَا سُئِلا عَنْ رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ، قَالا: " مَاتَ فِي رُخْصَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ". 925- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ، قَالَ: " يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ". 926- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " إِذَا صَحَّ، ثُمَّ مَاتَ يُطْعَمُ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا صَحَّ". 927- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: " لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ". 928- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ " مَرِضَ رَمَضَانَ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَصِحَّ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ " ولمَّا اختلفوا فِي ذَلِكَ، ووجدنا الشيخ الكبير الَّذِي لا يطيق الصيام، ولا ترجى لَهُ الطاقة عَلَيْهِ حَتَّى يموت، يطعم عَنْ نفسه فِي حياته، ونوصي بإطعام ذَلِكَ عنه بعد وفاته إيجابا، واستحبابا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ من الاختلاف فِي ذَلِكَ فِيمَا تقَدَّم فِي هَذَا الباب، كَانَ المريض الَّذِي ذكرنا كَذَلِكَ أيضا، وكَانَ مَا تمَادى به العجز عَنِ الصيام حَتَّى توفى بهذه المنزلة وأمَّا الحامل والمرضع فلا معنى لإطعامهمَا عَنْ أنفسهمَا مَا كَانَتا ترجى لهمَا الطاقة عَلَى الصيام فِي المستأنف، وهمَا كمن قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وقَدْ ذكرهمَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجمع بينهمَا وبين المسافر فِيمَا وضعه الله عَزَّ وَجَلَّ بالسفر من الصيام كما: 929- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَيَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ، فَإِذَا هُوَ يَتَغَدَّى، فَقَالَ: " هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ "، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: " هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنِ الصَّوْمِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ وَالصَّوْمِ، وَرَخَّصَ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ ". 930- حَدَّثَنَا نَصْرٌ، وَيَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قِلابَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُشَيْرٍ، عَنْ عَمِّهِ حَدِيثًا، ثُمَّ لَقِينَاهُ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو قِلابَةَ: حَدِّثْهُ يَعْنِي: أَيُّوبَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: حَدَّثَنِي عَمِّي، أَنَّهُ ذَهَبَ فِي إِبِلٍ لَهُ، فَانْتَهَى إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْكُلُ، أَوْ يَطْعَمُ، فَقَالَ: " ادْنُ فَكُلْ، أَوِ ادْنُ فَاطْعَمْ "، قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: " ادْنُ فَلأُخْبِرْكَ أَوْ لأُحَدِّثْكَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ، وَعَنِ الْحَامِلِ أَوِ الْمُرْضِعِ ". 931- حَدَّثَنَا نَصْرٌ، ويَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُوَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِيَ: " ادْنُ فَأَصِبْ مِنْ طَعَامِنَا "، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: " بَلْ أُحَدِّثُكَ عَنِ الصَّلاةِ، وَالصَّوْمِ، أَوِ وَالصِّيَامِ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ أَوْ قَالَ: شَطْرَ الصَّلاةِ، وَوَضَعَ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ عَنِ الْمُسَافِرِ، وَعَنِ الْحُبْلَى، أَوِ الْمُرْضِعِ "، وَاللهِ لَقَدْ قَالَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَيَا لَهْفَ نَفْسِي أَلا أَكُونَ طَعِمْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفلا ترى أنهمَا موضوع عنهمَا الصيام، كمَا هُوَ موضوع عَنِ المسافر، وكَانَ المسافر موضوع عنه الصيام فِي عين الشهر إِلَى بدل منه، وَهُوَ الصيام فِي غير الشهر، لا إِلَى بدل منه سوى الصيام مَا كَانَ قادرا عَلَى الصيام، وكذَلِكَ الحبلى والمرضع المقرونتان معه فِي الحديث، وضع عنهمَا الصوم فِي عين الشهر إِلَى بدل منه، وَهُوَ الصوم فِي غير الشهر، قضاء عَنِ الشهر، لا إِلَى بدل من الصوم سواه هَذَا هُوَ القياس عِنْدَنَا فِي هَذَا الباب والله أعلم. وقَدِ اختلف أهل العلم فِيمن توفى وعَلَيْهِ صوم، هل يصام عنه كمَا يُحج عَنْ من توفي وعَلَيْهِ. حج؟ فقَالَ أكثرهم: لا يصام عنه كمَا لا يصلى عنه، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد، والشافعي رحمة الله عَلَيْهِم وقَالَ بعضهم: بل يصام عنه كمَا يحج عنه، وقَدْ رويت فِي ذَلِكَ روايات فمنها ما: 932- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ " ومنها ما: 933- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا ذَكَرْنَا وقَدْ روي عَنْهَا فِي فتياها بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا خلاف ذَلِكَ. 934- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلاةٍ لِبَنِي عَصِيفَةَ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ تُرِيدُ عَائِشَةَ عَنِ امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقَالَتْ: أَطْعِمُوا عَنْهَا " وَاللَّفْظُ لِرَوْحٍ. 935- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَعَلَيْهَا رَمَضَانُ، أَيَصْلُحُ أَنْ أَقْضِيَ عَنْهَا؟، فَقَالَتْ: " لا، وَلَكِنْ تَصَدَّقِي عَنْهَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خَيْرٌ مِنْ صِيَامِكِ عَنْهَا " فهذه عائشة قَدْ أفتت بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا يصام عَنِ الموتى، وخالفت فِي ذَلِكَ مَا رواه عَنْهَا عروة بن الزبير، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعقلنا بِذَلِكَ أنها لم تترك مَا قَدْ علمته من قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا إِلَى قول منه آخر نسخ به القول الأول الَّذِي علمته منه وممَّا روي فِي ذَلِكَ. 936- أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ مُوسَى الطَّائِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الرَّاسِحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتِ الْبَحْرَ، فَنَذَرَتْ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ نَجَّاهَا مِنْهُ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَصُومَ، فَسَأَلَتْ أُخْتُهَا أَوْ بَعْضُ أَقَارِبِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَأَمَرَ أَنْ يُصَامَ عَنْهَا ". 937- وَأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَرَاهُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْبَطِينُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتِ الْبَحْرَ، فَنَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَصُومَ، فَأَتَتْ أُخْتُهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَأَمَرَهَا أَنْ تَصُومَ عَنْهَا ". 938- وَأَنَّ يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَقَالَ: " أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ كُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: " اقْضُوهُ عَنْهَا أَوِ اقْضِي عَنْهَا " فقَدْ روي هَذَا عَنِ ابْنِ عباس، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كمَا ذكرنا، وقَدْ روي فِي فتياه بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا خلاف ذَلِكَ. 939- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الأَحْوَلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَكِنْ يُطْعَمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ ". 940- وَكَتَبَ إِلَيَّ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ يُحَدِّثُنِي، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ، أَوْ نَذَرُ صِيَامِ آخَرَ؟ قَالَ: " يُطْعَمُ عَنْهُ سِتُّونَ مِسْكِينًا " فهذا ابن عباس قَدْ أفتى بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا يصام عَنِ الموتى، وخالف فِي ذَلِكَ مَا رواه عنه سعيد بن جبير، وعكرمة، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ذكرنا فعقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُ لم يترك مَا قَدْ علمه من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا إِلَى قول منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نسخ به القول الأول الَّذِي علمه منه وقَدْ روي عَنِ ابْنِ عمر، وأَبِي هريرة فِي ذَلِكَ اختلاف. 941- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ، عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " لا تَصُومُوا عَنْ مَوْتَاكُمْ وَتَصَدَّقُوا عَنْهُمْ ". 942- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمِهْزَمِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ أَوْ صَوْمٌ فَلْيَقْضِ عَنْهُ وَلِيُّهُ " فأمَّا عبد الله بن عمر، فقَالَ فِي هَذَا بمَا يوجبه القياس، وأمَّا أَبُو هريرة، فقَالَ فِيه بالذي يرويه فِيه عَنْ عائشة، وابن عباس، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلمنا نسخه فرجعا إِلَيْهِ، ولم يعلمه أَبُو هريرة، فثبت عَلَى الأمر الأول ولمَّا كَانَ قَدْ ثبت فِيمَا ذكرنا من التأويلات الَّتِي وصفنا للإطعام عَلَى من عجز عَنِ الصيام، لا الصيام عنه، ثبت أن عدم الصيام بالموت يكون فِيه الإطعام، لا قضاء الصيام فأمَّا من مَات وعَلَيْهِ الإطعام الَّذِي ذكرنا عَنِ الصيام، ولم يوصِ بِذَلِكَ حَتَّى مَات، وترك مَالا فِيه وفاء بمَا عَلَيْهِ من ذَلِكَ، فإن أهل العلم قَدِ اختلفوا فِي ذَلِكَ، فقَالَت طائفة مِنْهُمْ: قَدْ صارت تركته ميراثا لورثته، ولا يجب عَلَيْهِم أن يطعموا منها شيئا، وإن كَانَ أوصى بذلك فِي حياته كَانَ مَا أوصى به منه فِي ثلث تركته غير مبدأ عَلَى مَا سواه من وصايا إن كَانَت لَهُ سوى ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ بهذا القول: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد رحمهم الله. وطائفة مِنْهُمْ تقول: إن كَانَ لم يوص بِذَلِكَ فقَدْ بطل، ولا يجب عَلَى وارثه أن يخرجه عنه من تركته، وإن كَانَ أوصى بِذَلِكَ كَانَ من ثلث تركته مبدأ عَلَى وصايا، إن كَانَت لَهُ سواه، وهذا قول مَالك، وغير واحد من أهل المدينة وطائفة تقول: هُوَ دين فِي تركته، يخرج من رأس مَاله كسائر الديون الَّتِي تكون عَلَى الموتى مِمَّا سوى ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشافعي وقَدْ روي عَنِ المتقَدْمين فِي هَذَا اختلاف فِيمَا روي فِي ذَلِكَ مَا: 943- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَنَسٍ قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، " فِي الرَّجُلِ يُوصِي أَنَّ عَلَيْهِ حَجَّةَ الإِسْلامِ، أَوْ عَلَيْهِ زَكَاةً، قَالَ الْحَسَنُ: نَقُولُ: " يُعْطَيَانِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، أَوْصَى بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ ". 944- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ. 945- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الأَعْلَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " هُوَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ يَعْنِي: الْحَجَّ "، قَالَ: وَالزَّكَاةُ كَذَلِكَ. 946- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسٌ، عَنْ عَطَاءٍ، " فِي رَجُلٍ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ الْفَرِيضَةَ، قَالَ: " يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالزَّكَاةُ مِثْلُ ذَلِكَ ". 947- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ الْحَجَّةُ، وَالنَّذْرُ، أَنَّهُ قَالَ: " هُوَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ". 948- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَالنَّذْرُ، قَالَ: " لا يُقْضَى عَنْهُ إِلا أَنْ يُوصِيَ بِهِ، فَإِنْ أَوْصَى بِهِ فَمِنَ الثُّلُثِ ". 949- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَمَّادٍ، وَدَاوُدَ، وَاللَّيْثِيِّ، وَحُمَيْدٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: " هُوَ مِنَ الثُّلُثِ " ولمَّا اختلفوا فِيمَا ذكرنا نظرنا فِيمَا اختلفوا فِيه منه، فأمَّا من قَالَ: إنه لا يجب فِي مَال الميت إلا أن يوصي به فيكون فِي ثلثه مبدأ عَلَى سائر وصاياه، فلا معنى لقوله عِنْدَنَا، لأنه كَانَ فِي مَاله واجبا كَانَ واجبا فِيه، أوصى به أولم يوص به، وكَانَ واجبا فِي جميعه، لا فِي ثلثه كمَا تَجِبُ الديون سواه، وإن كَانَ غير واجب فِي مَاله حَتَّى يوصي به كَانَ فِي ثلث تركته كسائر وصاياه، فانتفى بِذَلِكَ هَذَا القول، وثبت أحد القولين الآخرين وكَانَ من حجة من جعله من جميع المَال، وجعله دينا فِي جميعه كسائر الديون سواه، أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للذي سأله عَنِ الحج عَنْ أَبِيهِ: " أرأيت لو كَانَ عَلَى أَبِيك دين فقضيته عنه "، أكَانَ ذَلِكَ يجزئ؟ وسنذكر ذَلِكَ فِي موضعه من كتاب المناسك إن شاء الله تعالى فجعله رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كالدين، فلا شيء أشبه بشيء من سنة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدهمَا بالآخر فكَانَ من الحجة عَلَيْهِ للآخرين، أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شبهه بالدين كمَا ذكر، ولم يقل إنه دين، وفِي تشبيهه إياه بالدين مَا يدل عَلَى أَنَّهُ غير دين، لا يشبه الشيء بنفسه، وإنمَا يشبه بغيره مِمَّا عَلَيْهِ موجوده فِيه، كمَا قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر لمَّا قَالَ لَهُ: أتيت اليوم أمرا عظيمَا، قبلت امرأتي وأنا صائم، فقَالَ لَهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أرأيت لو تمضمضت بمَاء وأنت صائم أكَانَ به بأس؟ " فقَالَ لا، قَالَ: " ففِيم؟ " وكمَا قَالَ للأعرابي الَّذِي أنكر ولده لمَّا جاءت به امرأته أسود: " هل لك من إبل؟ " فقَالَ: نعم، فقَالَ: " فمَا ألوانها؟ " فقَالَ: كذا، فقَالَ: " هل فِيهَا من أورق؟ " قَالَ: إن فِيهَا لورقاء، قَالَ: " من أين ترى ذَلِكَ جاءها؟ " فقَالَ: من عرق نزعها، فقَالَ: " ولعل هَذَا من عرق نزعه " وكَانَ تشبيهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذكرنا إنمَا هُوَ تشبيهه شيئا بخلافه مِمَّا يشبهه الأشياء بنفسه، وكذَلِكَ تشبيهه الحج بالدين دليل عَلَى أن الحج غير دين، ولكنه فرض الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الأبدان كالديون المفروضة فِي الأموال، فأعلمه أن قضاء الحق الَّذِي لله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَبِيهِ فِي بدنه، كقضائه للحق الَّذِي عَلَيْهِ فِي مَاله ولمَّا كَانَ الرجل الَّذِي عَلَيْهِ الديون لأناس شتى مَأخوذا بِهَا، مصروفا مَاله فِيهَا، وكَانَ من خوضهم فِي ديون عَلَيْهِ، ولم يحج حجة الإسلام، فوجب أن يخاض بَيْنَ غرمَائه فِي مَاله لم يخاض بَيْنَ الحجة وبينهم فِيه، دل ذَلِكَ عَلَى أن الحجة لَيْسَت بموجبةٍ دينا عَلَى من هِيَ عَلَيْهِ كديون الآدميين، وكذَلِكَ مَا سواها من حقوق الله عَزَّ وَجَلَّ، ومن كفارات الأيمَان، وأسباب الصيام، وجزاء الصيد، ودمَاء التمتع والقران وقَدِ اختلف أهل العلم فِي المقدار الَّذِي يطعم عَنِ الصيام الَّذِي كَانَ عَلَى المفطرين فِي شهر رمضان مِمَّنْ لم يقضه حَتَّى توفي، وأوصى بقضائه بعد وفاته عَنِ المؤيس لهم من الطاقة عَلَى الصيام من الأجناس، قَالَ ذَلِكَ إيجابا، وَمِمَّنْ قَالَه استحبابا، وقَدْ ذكرنا ذَلِكَ، ومَا قَالَه كل واحد فِيمَا تقَدم من كتابنا، فأغنانا ذَلِكَ عَنْ إعادته هاهنا، غير أنا لم نكن ذكرنا فِي ذَلِكَ الأولى مِمَّا قَالُوه فِي المقدار الَّذِي يطعم عنه، فاحتجنا إِلَى ذكره هاهنا، فوجدنا الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذكر الإطعام فِي غير موضع من كتابه، فمن ذَلِكَ مَا ذكره فِي كفارات الإيمَان بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} الآية فكَانَ أهل العلم فِي مقدار ذَلِكَ الإطعام مختلفِين، فطائفة مِنْهُمْ تجعله من الحنطة مدين بمد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتجعله من التمر والشعير مثل ضعف ذَلِكَ وَهُوَ أربعة أمداد، ويروون ذَلِكَ عَنْ عمر بن الخطاب، وعن علي بن أَبِي طالب وطائفة مِنْهُمْ تجعله مدا بمد النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويروون ذَلِكَ عَنْ عبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، فلم يكن فِي هَذَا دليل فِي مقدار الإطعام عَنِ الصيام الَّذِي ذكرنا، ومنها الإطعام عَنِ الظهار لمن لم يجد رقبة، ولم يستطع صوم شهرين متتابعين بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} فكَانَ أهل العلم مختلفِين فِي مقدار مَا يطعم عَنْ ذَلِكَ كاختلافهم فِي مِقْدَار مَا يطعم عَنْ كفارة الأيمَان، فلم يكن فِي ذَلِكَ دليل عَلَى مِقْدَار الإطعام عَنِ الصيام الَّذِي ذكرنا ومنها الإطعام فِي جزاء الصيد بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} فكَانَ أهل العلم مختلفِين فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مسكين مِنْهُمْ من ذَلِكَ كاختلافهم فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مسكين فِي كفارات الأيمَان، وفِي كفارات الظهار، فلم يكن فِي ذَلِكَ دليل عَلَى مِقْدَار الإطعام عَنِ الصيام الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. ومنها الإطعام فِي الحلق فِي الإحرام من المرض، ومن الأذى بقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فكَانَ أهل العلم مجمعين فِي هَذَا عَلَى أَنَّهُ مدان، وبذَلِكَ أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كعب بن عجرة لمَّا أذاه هَوَامُّ رأسه، وأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الآية فأمره أن يحلق رأسه ويذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين كل مسكين مدين فكَانَ هَذَا مِقْدَارًا من الطعام، متفقا عَلَيْهِ، غير حرف واحد منه، وَهُوَ أن حديث كعب هَذَا يَقُولُ فِيه عبد الله بن معقل، عَنْ كعب، عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " مدين من بر " ويقول فِيه أَبُو قلابة، عَنِ ابْنِ أَبِي ليلى، عَنْ كعب، عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " مدين من تمر " ويقول فِيه الشعبي، عَنْ كعب، عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يحدث يزيد بن ذريع، عَنْ داود بن أَبِي هند، عَنِ الشعبي، " مدين من تمر "، غير أن حمَاد بن سلمة قَدْ رواه، عَنْ داود، عَنِ الشعبي، عَنْ عبد الرحمن بن أَبِي ليلى، عَنْ كعب، عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعاد الاختلاف فِي هَذَا عَنْ كعب، ولم نجد فِي شيء من الإطعام عَنْ غير حلق للرأس فِي الإحرام من مرض أو من أذى، " مدين من تمر " أصلا، إنمَا وجدنا فِيه " مدا من تمر " فِي كفارات الأيمَان، وفِيمَا سواها فِي قول وأربعة أصلا، ومن التمر فِي قول آخرين فلمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لم نجعل للمدين من التمر معنى يعطف عَلَيْهِ غيره، وجعلنا المدين من البر أولى، لأن الَّذِي حلق رأسه فِي إحرامه من المرض أو من الأذى أجمع أن عَلَيْهِ كفارةً مَا، وكَانَ إِذَا أطعم كل مسكين مدين من تمر لم يجزئه ذَلِكَ عند بعضهم، وأجزأه عند بعضهم، وكَانَ أولى الأشياء بنا ألا تبطل عَنْ رجل كفارة، فقَدْ أحطنا علمًا بوجوبها عَلَيْهِ إلا بعد إحاطتنا علمًا بزوالها عنه. ولمَّا وجب أن يكون مِقْدَار الإطعام فِي حلق الرأس فِي الإحرام من أذًى أو من مرض كمَا ذكرنا، وجب أن يكون كَذَلِكَ مِقْدَار الإطعام فِي سائر الكفارات من البر، وإِذَا وجب ثبوت قول أهل هَذَا المذهب أن الزبيب فِي قولهم فِيمَا سوى البر، أَنَّهُ أربعة أمداد، وهكذا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد يقولونه فِي هَذَا إلا فِي الزبيب خاصة فإن محمدا حَدَّثَنَا، عَنْ علي، عَنْ محمد، عَنْ أَبِي يوسف، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّهُ " عدل الزبيب فِي ذَلِكَ بالحنطة، وجعله مدين " وقَدْ روى الحسن بن زياد، عَنْ أبي حنيفة خلاف ذَلِكَ، وأنه عدل الشعير بالتمر فجعله كهمَا وهذا قول أَبِي يُوسُفَ، ومحمد من رأيهمَا وَهُوَ أحب القولين إلينا وأمَا السويق والدقيق فإن القياس عِنْدَنَا فِيهمَا أن لا يكونا كالبر فِيمَا يجزئ منه الدخول الصنعة إياهمَا ولإجمَاعهم عَلَى أَنَّهُ لا يجوز بيعهمَا بالحنطة وقَدْ ذكرنا أقوال أصحاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِقْدَار الإطعام وقَدْ ذكرنا حديث كعب، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِقْدَار الإطعام فِيمَا وصفنا، ولم نأت بأسانيدها لأنها أخرناها إِلَى مواضعها الَّتِي يحتاج إليها فِيهَا فِيمَا بعد من كتبنا هَذِهِ إن شاء الله تعالى وقَدِ اختلف أهل العلم فِيمن صام رمضان فِي السفر، فقَالَ بعضهم: لا يجزئه وعَلَيْهِ أن يقضيه فِي الحضر، ورووا ذَلِكَ عَنِ المحرز بن أَبِي هريرة، قَالَ: صمت رمضان فِي السفر، فلمَّا قَدِمت أمرني أَبِي أن أعيده فِي الحضر واحتجوا لقولهم هَذَا بقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وربمَا روي عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله: " لَيْسَ من البر الصيام فِي السفر ". 950- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَبْرَشُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ ". 951- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، " فَسَأَلَ مَا هَذَا؟ " فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ ". 952- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، أَخْبَرَهُ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ ". 953- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ ". 954- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السَّقَطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ سُفْيَانُ: وذكر لي أن الزهري كَانَ يَقُولُ: ولم أسمعه أنا منه من ام برام صيام فم سفر وقَالَ بعضهم: من صام رمضان فِي السفر أجزأه، وكَانَ كمن صامه فِي الحضر، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وابن أَبِي ليلى، ومَالك، وزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد، والشافعي، وعامة أهل العلم سوى مَا رويناه خلاف ذَلِكَ عمن ذَكَرْنَاهُ عنه، وإن كَانُوا قَدِ اختلفوا فِي الأفضل من ذَلِكَ مَا هُوَ؟ هل هُوَ الصوم أو الإفطار؟ فكَانَ من الحجة لهم عَلَى أهل المقَالَة الأولى، مَا احتجوا به عَلَيْهِم من قول الله عز وجل: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، إن ذَلِكَ لَيْسَ فِيه دليل عَلَى مَا ذهبوا إِلَيْهِ من مَا ذَكَرْنَاهُ عنهم، لأن قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} إنمَا هُوَ عَلَى الرخصة منه لهم فِي ترك الصيام، فِي عين الشهر، وقضائه بعد ذَلِكَ فِي غير الشهر والدليل عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ من ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} ولم يستثن فِي ذَلِكَ حاضرا من غائب، ولا مريضا من صحيح، وعم بِذَلِكَ المؤمنين جميعا ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فكَانَ هَذَا خطابا منه لمن دخل فِي الآية الأولى مِمَّنْ كتب عَلَيْهِ الصيام، قَالَ ذَلِكَ عَلَى أن قوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أنه عَلَى الرخصة فِي الإفطار فِي عين الشهر للمسافرين وللمرضي، لا عَلَى أن صومهمَا إياه إن يكلفوه غير مجزئ عنهم وأمَّا مَا ذكروه من قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ من البر الصوم فِي السفر "، فلا حجة لهم أيضا فِي ذَلِكَ، لأنه قَدْ يجوز لَيْسَ من البر الصيام فِي السفر أي: لَيْسَ من البر الَّذِي هُوَ أبر البر، أو أعَلَى مراتب البر الصوم فِي السفر، حَتَّى لا يكون منه بد، أو حَتَّى يَكُونَ الإفطار فِيه إثما، كمَا لا بد منه فِي الحضر، وكمَا إفطاره فِي الحضر إثم، لأن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صام فِي السفر فِيمَا رويناه مِمَّا تقَدم منا أفيجوز أن يكون رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صام صوما لَيْسَ ببر؟ وحاش لله أن يكون كَذَلِكَ، ولكن معنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ من البر الصيام فِي السفر "، عَلَى معنى لَيْسَ من البر الَّذِي هُوَ أبر البر الصيام فِي السفر، لأنه قَدْ يكون الإفطار فِي السفر للقوة للقاء العدو ولمَا أشبه ذَلِكَ أَفْضَلَ من الصوم فِي السفر، ولكن ذَلِكَ عِنْدَنَا كقول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ المسكين بالطواف الَّذِي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان "، قَالُوا فمن المسكين يا رَسُول اللهِ؟ قَالَ: " المسكين الَّذِي لا يعرف، ولا يسأل فيتصدقَ عَلَيْهِ ". 955- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. 956- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وقَدْ ذكرنا بقية مَا روي فِي هَذَا الكتاب فِيمَا تقَدم فِي كتابنا بأسانيدها، فكَانَ معنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ المسكين بالطواف "، أي: لَيْسَ المسكين الَّذِي هُوَ فِي أعَلَى مراتب المسكنة بالطواف الَّذِي ترده اللقمة واللقمتان والدليل عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وعَلَى أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرد بقوله: " لَيْسَ من البر الصيام فِي السفر " إخراج السفر أن يكون موضع صوم. 957- إنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ فِي سَفَرِهِ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، فَقَالَ: " مَا بَالُ هَذَا؟ " قَالُوا: صَائِمٌ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ، فَعَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا " فدل ذَلِكَ أن مراد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: " لَيْسَ من البر الصوم فِي السفر " المعنى الَّذِي تأوله عَلَيْهِ من جعله عَلَى معنى: لَيْسَ من البر الَّذِي هُوَ أبر البر، والذي لا رخصة فِيه لصائم فِي السفر وقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حديث حمزة بن عمرو الأسلمي. 958- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الأَزْدِيُّ الْحِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَسْرُدُ الصِّيَامَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: " إِنَّمَا هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْعِبَادِ، مَنْ قَبِلَهَا فَحَسَنٌ جَمِيلٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ " أفلا ترى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أخبر فِي هَذَا الحديث أن الإفطار فِي السفر إنمَا كَانَ من الله جل وعز رخصة منه لعباده، لا لأن السفر لَيْسَ موضع صوم وقَدْ روينا فِيمَا تقَدم عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خروجه فِي رمضان مسافرا، وصومه فِيه، وإفطاره بعد ذَلِكَ، وأمره الناس بالإفطار لمَّا شق عليهم الصيام، وَذَلِكَ دليل عَلَى أن ذَلِكَ كَانَ منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد إنزال الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وقَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإفطار فِي السفر، وفِي الصوم فِي رمضان فِي السفر آثار أخر قَدْ جاءت مجيئا متواترا. 959- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَبْدِ السَّلامِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يَصُومُ فِي السَّفَرِ وَيُفْطِرُ ". 960- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مَوَرَّقٍ الْعَجْلِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا يَوْمًا شَدِيدَ الْحَرِّ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، وَأَكْثَرُنَا ظِلا صَاحِبُ الْكِسَاءِ، وَمِنَّا مَنْ يَسْتُرُ الشَّمْسَ بِيَدِهِ، فَسَقَطَ الصُّوَّامُ وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ، فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ، وَسَقَوُا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ ". 961- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، " فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ ". 962- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، تِسْعَ عَشْرَةَ أَوْ لِتِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، " فَصَامَ صَائِمُونَ وَأَفْطَرَ مُفْطِرُونَ، فَلَمْ يَعِبْ هَؤُلاءِ عَلَى هَؤُلاءِ، وَلا هَؤُلاءِ عَلَى هَؤُلاءِ ". 963- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ. 964- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُمَا، قَالَا: لِثَمَانِي عَشْرَةَ. 965- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ وَكَانَ كَثِيرَ الصَّوْمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ ". 966- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ. 967- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَمْزَةَ بِذَلِكَ. 968- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ سَمِيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرٍ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ: " تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ "، وَصَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرَجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ، ثُمَّ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ صَامُوا حِينَ صُمْتَ، فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَدِيدِ " دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ " فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ فِيهَا صَوْمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ تَأْوِيلِ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ "، عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ عَلَيْهِ. وقَدْ قَالَ قوم: إنه لا فضل لصوم رمضان فِي السفر عَلَى المفطرين فِيه فِي السفر، وقَالَ آخرون: الصوم فِي السفر فِي رمضان أفضل من الإفطار، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ هَذَا القول: أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد، حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عَنْ أَبِي يوسف، وأَبِي حَنِيفَةَ بهذا القول قَالَ محمد: وَهُوَ قولنا. 969- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ لِلصِّيَامِ فِي السَّفَرِ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ حَسَنٌ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ " ولمَّا اختلفوا فِي ذَلِكَ، وثبت عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الإفطار فِي رمضان فِي السفر رخصة، ثبت أن الصوم بدخول الشهر، وأن معجل أداء الفرض أفضل من مؤخره بعد أن لا يكون عَلَيْهِ مشقة فِي تعجيله إياه، وقَالَ بهذا القول ابن عباس، وأنس. 970- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِنَّمَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ التَّيْسِيرَ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ يُسِّرَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ يُسِّرَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ فَلْيُفْطِرْ ". 971- حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمًا يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ، وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ ". 972- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " إِنْ أَفْطَرْتَ فَرُخْصَةٌ، وَإِنْ صُمْتَ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ ". 973- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، قَالَ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ ".
|